ثانيا : اشكالية الدراسة
***
· تمثل ظاهرة العمالة المهاجرة إحدي الإنشغالات الكبرى على الساحة الدولية، بعد أن بلغ عدد العمال المهاجرين نحو 150 مليونا من الرجال والنساء وحتى الأطفال يعيشون خارج أوطانهم ويساهمون بتحويلات إلي أوطانهم بنحو 77 بليون دولار من إيرادات بلدان الهجرة، وهو رقم لا يزيد عنه سوى صادرات النفط العالمية في التدفقات النقدية للتجارة الدولية، بينما يعيش معظمهم في ظروف قانونية وإجتماعية وإقتصادية هشة كغرباء داخل البلدان التي يعيشون فيها.
· وقد كشف الحوار الدولي حول هذه القضية خلال التحضير للمؤتمر العالمي الثالث لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب أغسطس / سيتمبر 2001م ، عن أبعاد خطيرة للصعوبات التي تعانيها هذه العمالة المهاجرة، دفعت المؤتمر إلي تبني العديد من التوصيات لتذليل الصعوبات التي تواجهها العمالة المهاجرة، وتعزيز آليات العمل الدولي من أجل النهوض بحقوقها، ومواجهة الآثار السلبية ، لكن قبل أن ينهض المجتمع الدولي بالواجبات التي أقرها برنامج العمل الذي أصدره المؤتمر العالمي ، جاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر المروعة وتداعياتها بمزيد من الصعوبات للعمالة المهاجرة، بما أثارته من خوف من الأجانب، وإندفاع العديد من بلدان العالم لسن تشريعات لتعزيز إجراءاتها الأمنية، والتشدد حيال الهجرات غير الشرعية، وأطلقت هذه الأحداث موجة من الكراهية ضد الأجانب أفضت إلي العديد من جرائم الكراهية في العديد من البلدان.
· وتتحمل البلدان العربية نصيبا كبيرا من عب ء المشكلة، بإعتبارها مصدرا للعمالة المهاجرة ومعبرا لها، وأيضا كمستقبلة لهذه العمالة ، وهنالك مساعي في المنطقة العربية لتعظيم القيمة الإيجابية لهذه العمالة بشقيها الوافد والمهاجر، والحد من الآثار السلبية التي قد ترافق تدفق هذه العمالة من ناحية أخرى. كما تساهم المنظمات الدولية والإقليمية المتخصصة في تدعيم هذا التوجه، لكن لم تصل هذه الجهود بعد إلي توفير القدر الكافي من الضمانات القانونية لهذه العمالة بشقيها، ولم تتجسد بعد آليات كافية لتحقيق هذا الهدف، ولم يتبلور قد كاف من مراكز الأبحاث والمنظمات غير الحكومية المتخصصة في متابعة هذه القضية على الساحة العربية.
· بالتأكيد تختلف طبيعة المشكلة من بلد لآخر نتيجة لاختلاف طبيعة كل بلد وقوانينها وظروفها الاقتصادية والاجتماعية ... فتختلف المشكلات التي تواجه العمالة المهاجرة في الخليج عنها في أروبا وأمريكا .. لذا سنستعرض في هذا البحث عدة نماذج تمثل كل منطقة ।
· في منطقة الخليج : نجد ظروف ومعاملة خاصة للعمال ونظام الكفالة ، ففي بعض الدول يعيش العمال ظروف أشبه بحياة الرقيق ، ويواجهون استغلال أصحاب العمل ، وتجارة الفيزا ، وبطء الاجراءات القانونية والمساكن غير الآمنة وغير الصحية ، وسنركز هنا على دول : السعودية ، البحرين ، قطر كنماذج عن دول الخليج .
· في أوربا نجد نوع آخر من المشكلات التي تواجه العمال مثل التمييز والعنصرية وصعوبة الإندماج مع المجتمع مما يضطرهم للإنعزال .. وسنأخذ دولة ألمانيا كنموذج عن الدول الأوروبية .
· تظهر هنا أيضا مشكلة آخرى لها علاقة وثيقة بالعمالة المهاجرة وهي الهجرة غير الشرعية ، الأسباب التي تدفع إليها والصعوبات التي تواجه المهاجرين ، وتأثير تلك الهجرة على الدول المستقبلة والمصدرة أيضا .
· وهنا لا مفر من التطرق إلى مشكلة العمالة السودانية في مصر واستغلالها كعمالة رخيصة ।